{وَإِذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ} أي شدَّةٌ {دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ} راجعينَ إليه من دعاءِ غيرِه {ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً} خلاصاً من تلك الشدَّة {إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ بِرَبّهِمْ} الذي كانُوا دَعَوه منيبين إليه {يُشْرِكُونَ} أي فاجأ فريقٌ منهم الإشراكَ وتخصيصُ هذا الفعلِ ببعضِهم لما أنَّ بعضَهم ليسُوا كذلك كما في قولِه تعالى: {فَلَمَّا نجاهم إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} أي مقيمٌ على الطَّريقِ القصدِ أو متوسطٌ في الكفرِ لانزجارهِ في الجُملة {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتيناهم} اللامُ فيه للعاقبةِ وقيل للأمرِ التَّهديديِّ كقولِه تعالى: {فَتَمَتَّعُواْ} غيرَ أنَّه التفتَ فيه للمبالغةِ وقرئ: {وليتمتَّعوا} {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} عاقبةَ تمتُّعِكم. وقرئ بالياءِ، على أنَّ تمتَّعوا ماضٍ والالتفاتُ إلى الغَيبةِ في قوله تعالى: {أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ} للإيذان بالإعراضِ عنهم وتعديدِ جناياتِهم لغيرِهم بطريقِ المُباثّةِ {سلطانا} أي حجَّةً واضحةً وقيل: ذا سلطانٍ أي مَلَكاً معه برهانٌ {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ} تكلُّمَ دلالةٍ كما في قولِه تعالى: {هذا كتابنا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق} أو تكلُّمَ نطقٍ {بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ} بإشراكهم به تعالى أو بالأمر الذي بسببه يُشركون. {وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً} أي نعمة من صَّحةٍ وسَعَةٍ {فَرِحُواْ بِهَا} بَطَراً وأشَراً لا حَمْداً وشُكْراً {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ} شدَّةٌ {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} بشؤمِ معاصِيهم {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} فاجؤوا القُنوطَ من رحمتهِ تعالى وقرئ بكسرِ النُّونِ.{أَوَلَمْ يَرَوْاْ} أي ألم ينظرُوا ولم يشاهدُوا {أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ} فما لهم لم يشكرُوا ولم يحتسبُوا في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ كالمؤمنينَ {إِنَّ فِى ذلك لآيات لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فيستدلُّون بها على كمالِ القدرةِ والحكمةِ.